فاس : محمد غفغوف
فاس ليست مدينة عادية، إنها روح هذا الوطن، وذاكرته، ومجده المتجذر في التاريخ، لكنها اليوم تُذبح ببطء، لا على يد عدو خارجي، بل بفعل أقرب الناس إليها: من يُفترض أنهم مؤتمنون على حاضرها ومستقبلها.
إن الأزمة الحقيقية التي تخنق فاس اليوم لا تتعلق بالأشخاص في أعلى الهرم، بل تكمن في محيطها المحلي: مجالس منتخبة عاجزة، تغلب عليها الحسابات الصغيرة، وإدارة مترهلة تفتقر إلى روح المبادرة، ووجوه لا تعرف من التسيير سوى رفع الأيدي في الدورات ومدّ الأيدي إلى المال العام.
لا كفاءات، لا خيال، لا رؤية، فقط تسابق على المناصب، وركوب على الملفات، وصمت مريب تجاه هموم الساكنة، وكأن المدينة لا تستحق سوى الفتات.
فاس لا تحتاج إلى شعارات جديدة، ولا إلى مهرجانات تخديرية، إنها تحتاج إلى رجال ونساء يؤمنون بها، ويملكون الشجاعة لانتشالها من الرداءة، ورد الاعتبار لكرامتها المهدورة.
لأن المدينة، مهما عظمت، إذا أُحيطت بالفراغ، سقطت.