المغرب360 : محمد غفغوف
في حادث مأساوي يعيد إلى الأذهان مشاهد القتل خارج القانون، لقي الشاب المغربي أسامة همهام، اللاعب السابق لفريق الأمل الرياضي العروي، مصرعه برصاص البحرية الجزائرية، بعدما فتحت النار مباشرة على قارب كان يقل مجموعة من الشباب المغاربة في عرض البحر قبالة مدينة السعيدية.
الحادث، الذي وقع في ظروف غامضة على مقربة من المياه الحدودية بين المغرب والجزائر، أثار موجة من الغضب الشعبي والحزن العميق، خصوصًا في جماعة العروي والناظور، حيث ينحدر الضحية، فأسامة، الذي لم يكن يحمل سوى حلم الهجرة نحو مستقبل أفضل، قوبل برصاص حيّ أودى بحياته على الفور، في واقعة مؤلمة تؤكد حجم المخاطر التي تحيط بالشباب الباحث عن الخلاص من واقع مأزوم.
المشهد لا يمكن فصله عن سياق إقليمي متوتر، لكن ذلك لا يبرر تحت أي ذريعة لجوء جهة رسمية إلى استخدام الرصاص الحي ضد مدنيين عزّل، لا يشكلون خطرًا عسكريًا ولا يحملون نوايا عدوانية. فالحدود، وإن كانت مناطق سيادة، يجب ألا تتحول إلى مصائد موت للذين قذفتهم الحاجة والفقر صوب مغامرات بحرية محفوفة بالمخاطر.
هذا الحادث المروع لا يمس فقط بحق الحياة، بل يمثل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يكفل لكل إنسان الحق في الحياة والأمان على شخصه.
إن إطلاق النار على قارب للهجرة غير النظامية – دون إنذار، ودون محاولة إنقاذ أو تحذير – يعدّ جريمة تستوجب المحاسبة، لا سيما وأنها أزهقت روح شاب في مقتبل العمر، طوته البلاد قبل أن تطويه الأمواج.
الجهات الحقوقية المغربية والدولية مطالبة اليوم بالتحرك الفوري لفتح تحقيق مستقل، يسلط الضوء على حيثيات الحادث، ويحدد المسؤوليات السياسية والجنائية المترتبة عنه، كما أن السلطات المغربية مطالبة برفع الصوت عاليًا في المحافل الدولية، من أجل صون كرامة مواطنيها، ومنع تكرار مثل هذه المآسي.
إن دماء أسامة همهام ليست مجرد رقم في سجل ضحايا الهجرة، بل جرح مفتوح في جسد وطن يجب أن يحمي أبناءه في الداخل والخارج، وإن الصمت عن هذه الجريمة يعني فتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات، ويحول المتوسط من بحر للعبور إلى ساحة للإعدام العشوائي.
لقد آن الأوان لبلورة جبهة إنسانية موحدة تدافع عن الحق في الحياة، وتعيد الاعتبار لكرامة الإنسان، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة التي لا تُعير قيمة لأرواح الفقراء.
أسامة لم يكن مجرمًا ولا عدوًا… كان فقط شابًا ضاقت به سبل الأرض، فركب أمواج الأمل، لكنه قُوبل برصاص الغدر.

